الوِلَايَات المُتَّحِدَة الأَمرِيكِيَّة (2) (بالإنجليزية: United States of America يونايتد ستيتس أوف أميركا) هِي جُمهُورِيّة دُستُورِيّة اِتِّحادِيّة(1) تضمُّ خمسِين وِلاية ومِنطقة العاصِمة الاتّحادية. تقع مُعظم البِلادِ في وسط أَمريكا الشمالِيَّة، حيثُ تقع 48 وِلاية ووَاشِنطُن العاصِمة بين المُحِيطُ الهادِئ والمُحِيطُ الأطلسي وتحُدُّها كندا شمالاً والمَكْسِيك جنُوباً. تقع وِلاية أَلاسْكا في الشّمال الغربِيّ من القارّة، وتحُدُّها كندا شرقاً ورُوسيَا غرباً عبَر مَضِيق بيِرينغ. أما وِلاية هاواي، وهِي عِبارة عن أرْخَبيل فتقع في مُنتصف المُحِيطُ الهادِئ. كما تضُمُّ الدّولة العدِيدُ من اَلأَراضِي والجُزُرٌ في الكارِيبِي والمُحِيطُ الهادِئ.
تَأتِي الوِلايات المُتّحِدَة في المَركز الثّالِث من حيث المِساحة (3.79 مَليون مِيل مُربّع أو 9.83 مَليون كم²)، وتحتلّ المَرْتبَة الثّالِثة من حيث عَدّد السُكّان (307 مَليون نَسَمة). وتتميَّز الوِلايات المُتّحِدَة بِأَنّها وَاحِدَة من أَكثر دُوَلِ العالَم تنوُّعاً من حيث العِرق والثَّقافة، وجَاء ذَلك نَتِيجة الهِجرة الكَبِيرة إِليها من بُلدانٌ مُختلفة.[19] يُعتبَرُ الاقتِصَاد اَلْأَمرِيكِيّ أكبَر اِقْتِصَاد وطَنِيّ في العالَم، حيث يُقدِّرُ إِجمالِيّ الناتِج المحلَّى لِعام 2008 بنَحو 14.3 تِرِيلِيُون دُولَار أَمرِيكِيّ (23 في المائة من المَجمُوع العالمِيّ، اِستِناداً إلى إِجمالِيّ الناتِج المحلَّى الاِسمِيّ و 21% تقريباً من حيث القوّة الشرائية).[13][20]
اِستوطنت المِنطَقة الجُغرافِيّة التي تُشكل حالياًّ الوِلاَيات المُتّحِدَة الأمِيرْكِيّة من قِبَل البشر لأوّل مرّة في أواخِرُ العَصْر الجلَيدِيّ الأخير أو بعده بفَترة قصيرة، بعد أن عبرت قبائِل تنتمي إلى العُنصُر المُغُولِيّ، أو الأصفر، مَضِيق بيِرينغ من شَمَال آسيَا عبَر أَلاسْكا واِتّجَهت جنُوباً بحثاً عن أسباب الحَياة، وقد شكّل هؤلاء أسلاف الأمريكيين الأصليين.[21] أما الاستعمار الأوروبي الحديث فبدأ أولاً مع الإسبان، ثم انتقل إلى الإنجليز، الذين بدأوا يفكرون باستعمار المناطق التي تشكل اليوم الساحل الشرقي للولايات المتحدة في عهد الملكة إليزابيث الأولى، الذي شغل طيلة النصف الثاني من القرن السادس عشر، وخاصة بعد تدمير الأسطول الإسباني الجبّار سنة 1588.[22]
تأسست البلاد عن طريق ثلاث عشرة مستعمرة بريطانية على طول ساحل المحيط الأطلسي، كان أولها مستعمرة "فرجينيا" الإنجليزية، التي أطلق عليها مكتشفها، السير والتر رالي هذا الاسم تيمناً بالملكة العذراء إليزابيث. ازدادت وتيرة الاستيطان الإنجليزي على الساحل الشرقي بعد ظهور شركات هدفت إلى تشجيع حركة الاستيطان في أراضي ما وراء البحار، التي لاقت رواجًا من الناس بسبب الأزمات الاقتصادية والبطالة والاضطهاد الديني.[23] تأسست مدينة جيمستاون سنة 1607 في أراضي فرجينيا، فكانت أوّل استيطان إنجليزي ناجح في أراضي الولايات المتحدة المستقبلية.[23] تلى ذلك تأسيس مستعمرات أخرى هي: نيوهامشير، وماساتشوستس، وكونتيكت، ورود آيلاند، ومريلاند، وكارولينا الجنوبية، وكارولينا الشمالية، ونيويورك، ونيوجيرسي، وديلاوير، وبنسلفانيا. وكان أبناء هذه المستعمرات يشتغلون بالزراعة والتحطيب والتعدين والتجارة وتربية المواشي، وقد تشكّل سكانها من خليط إنجليزي وأوروبي بسبب تدفق المهاجرين الأوروبيين الآخرين إليها.[24] أصدرت هذه المستعمرات إعلان الاستقلال في الرابع من يوليو عام 1776، والذي أقر باستقلالهم عن بريطانيا العظمى وتشكيل حكومة اتحادية. هزمت الولايات المتمردة بريطانيا العظمى في الحرب الثورية الأمريكية، وهي أول حرب استعمارية ناجحة تحصل على الاستقلال.[25] اعتمدت اتفاقية فيلادلفيا الدستور الأميركي الحالي في السابع عشر من سبتمبر عام 1787؛ وتم التصديق عليه في العام التالي مما جعل تلك الولايات جزءاً من جمهورية واحدة لها حكومة مركزية قوية. كما تم التصديق على وثيقة الحقوق في عام 1791، وتضم عشرة تعديلات دستورية لتضمن الكثير من الحقوق المدنية الأساسية والحريات.
في القرن التاسع عشر، حصلت الولايات المتحدة على أراض من فرنسا، وأسبانيا، والمملكة المتحدة، والمكسيك، وروسيا، كما ضمت إليها جمهورية تكساس وهاواي. أدت النزاعات بين منطقة الجنوب الزراعية ومنطقة الشمال الصناعية حول حقوق الولايات والتوسع في تجارة الرقيق إلى نشوب الحرب الأهلية الأمريكية في ستينات القرن التاسع عشر. منع انتصار المنطقة الشمالية حدوث انقسام في البلاد، مما أدى إلى نهاية العبودية القانونية في الولايات المتحدة. أصبح الاقتصاد الوطني أضخم اقتصاد في العالم بحلول عام 1870.[26] وأكدت الحرب الأمريكية الإسبانية والحرب العالمية الأولى على القوة العسكرية للبلاد. وفي عام 1945، خرجت الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية لتكون أول دولة تمتلك أسلحة نووية، وعضوا دائماً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعضواً مؤسساً في منظمة حلف شمال الأطلسي. كما أصبحت الولايات المتحدة القوى العظمى الوحيدة في العالم بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي. يبلغ مقدار ما تنفقه الولايات المتحدة على القوات الأمريكية حوالي 50 في المائة من الإنفاق العسكري العالمي، كما تعد قوة اقتصادية وسياسية وثقافية عالمية.[27] الولايات المتحدة اتحاد فيدرالي يتكون من خمسين ولاية. تشكلت الولايات الثلاثة عشر الأصلية عن المستعمرات الثلاثة عشر التي تمردت على الحكم البريطاني. في مرحلة مبكرة من تاريخ البلاد، أنشئت ثلاث ولايات على هذا النحو: كنتاكي من فيرجينيا وتينيسي من كارولاينا الشمالية ومين من ماساتشوستس. بينما تشكلت معظم الولايات الأخرى من خلال الأراضي التي حصلت عليها الحكومة الأمريكية عن طريق الحروب أو الشراء. ذلك باستثناء ولايات فيرمونت وتكساس وهاواي والتي كانت جمهوريات مستقلة قبل أن تنضم إلى الاتحاد. انفصلت فيرجينيا الغربية عن ولاية فرجينيا خلال الحرب الأهلية الأمريكية. أعلنت هاواي كولاية في 21 أغسطس 1959، وتعتبر أحدث ولاية. ليس للولايات الحق في الانفصال عن الاتحاد.
تشكل الولايات القسم الأكبر من الكتلة البرية الأمريكية؛ كما تعتبر منطقتان أخريان جزءاً لا يتجزأ من البلاد وهما: مقاطعة كولومبيا وهي مقاطعة فيدرالية حيث تقع العاصمة واشنطن، بالإضافة إلى جزر بالميرا المرجانية وهي منطقة غير مأهولة بالسكان ولكنها تندرج ضمن الأراضي الأمريكية وتقع في المحيط الهادئ. تمتلك الولايات المتحدة خمسة أقاليم خارج أراضيها: بورتوريكو والجزر العذراء الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي، وساموا الأمريكية وغوام وجزر ماريانا الشمالية في المحيط الهادئ. بالتالي يحصل من يولد في تلك الأراضي (عدا ساموا الأمريكية) على الجنسية الأميركية. يمتلك المواطنون الأمريكيون المقيمون في تلك الأقاليم العديد من الحقوق والمسؤوليات المشابهة لتلك في الولايات الأمريكية، لكنهم معفون من ضريبة الدخل الفدرالية ولا يصوتون في انتخابات الرئاسة كما يمتلكون تمثيلاً من دون تصويت في الكونغرس الأمريكي.[53]

